مقالات


الجمعة - 20 أغسطس 2021 - الساعة 01:54 ص

الكاتب: بقلم: عفراء خالد الحريري - ارشيف الكاتب


(أن هناك دائمًا طرقًا جديدة لتكييف أعلى مبادئنا مع الظروف السائدة، بغض النظر عن مدى صعوبة ذلك..). 
حتى أخر لحظة وأنا أتجنب الكتابة عن إضراب القضاة الذي أقامه نادي القضاة الجنوبي ، ولم أمنع قلمي من ذكره في بعض مقالاتي السابقة ، ذكراً عابراً عميقاً الدلالة و المعنى ،إلا أنني وجدت نفسي عديمة الصبر لفترة قادمة خاصة بعد مشاركتي في جلسة الحوار المجتمعي الذي عقد صباح يوم السبت الموافق ٧أغسطس ٢٠٢١م في مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان،أثر اغلاق المحاكم والنيابات على الأمن العام والاستقرار والسلامة المجتمعية"، و صدمت لماشاهدته وسمعته ،وحمدت الله كثيرا بأني في منائ عن العمل بالمحاكم منذ سنوات طويلة إلا فيما نذر ،حيث كان الحضور مجموعة من القضاة(نساء ورجال) يمثلون ويمثلن إنتماءات سياسية مختلفة ، عدد منهم ومنهن بلا إنتماء سياسي.
ومن الوهلة الاولى يمكن لأي مواطن عادي بأن يعرف الذي يحدث من مجرد الاستماع ، و لمن يستطع قراءة مابين الكلام و تعابير الوجه و نبرة الصوت و حركة الجسد يجد بأن وراء كلُ ذلك غايات وأهداف أخرى. 
ياسادة القضاء مرآة الأمة ، ومن يريد معرفة حال ووضع و سلوك و..إلخ أي أمة لينظر إلى تلك المرآة ؟!.
أول الحكاية: بدأ الاضراب بحجة تعيين النائب العام المخالف للدستور والقانون ، فتوسع إلى مطالب حقوقية خاصة ، ثم إلى التبرم من مجلس القضاء الأعلى و الشكوى منه ومن فساده"على الرغم من أن بعض الاعضاء فيه منكم و فيكم ) 
و في كل هذا الطرح كنا معكم كمواطني "جمهور" ومنظمات مجتمع مدني ، وأستمعنا إلى المطالب الخاصة والشخصية جدا و التعيينات التي في غير محلها..وغير ذلك الكثير،ناهيك عن التناقضات التي نسمعها ونقراءها ونشاهدها و نعرفها بين ماتقولوه و ماتفعلوه و ماتسلكوه ، على أن تجدوا وسيلة غير الإضراب لتحقيق ماتريدونه ، وقلنا لكم الوسائل كثيرة ومن ضمنها مساعدة منظمات المجتمع المدني لكم وهي الشريك المُساعد والمُراقب والمُساءل والمُحاسب لسلطات الدولة، ان كنتم لاتعلمون.
ينص التعليق على مبادئ بنغالور بشأن سلوك العاملين بالجهاز القضائي أن " القاضي لا يجب ان  يكون 'قاضيًا جيدًا' فحسب، بل يجب أن يكون أيضًا "شخصًا صالحًا "حتى إذا اختلفت الآراء حول ما يعنيه ذلك في الأوساط المختلفة من المجتمع "من وجهة نظر الجمهور/ الناس" ، ولان تكون قاضيا صالحا معاني كثيرة .
ترى ماهي الخدمة التي يقدمها القاضي الان ؟!
لم يتعهد القاضي فقط بخدمة مُثل العدالة والحقيقة التي تُبنى عليها سيادة القانون وأسس الديمقراطية، ولكن أيضًا لتجسيدها"، ويوحي هذا المعيار الدولي "انه من المقبول على نطاق واسع" ينبغي أن يكون سلوك القضاة مثاليا ومساندا لرأي المواطنين في الجهاز القضائي ، بمعنى اخر ان يبعث السلوك الطمئنينة لدى المواطن ويكسب ثقته ومنظمات المجتمع المدني هي الكيان الذي يُعبر عن ذلك المواطن أيضا ، وكنت آمل دائما بأن  يذهب العديد من القضاة إلى ابعد من ذلك كالعمل بلا كلل لتحسين النظام القضائي حتى عندما لا يكونوا على مرأى من المواطنين ،وحتى عندما يواجهون ظروفًا صعبة. 
على الأقل لرد الجميل لمجتمعاتهم المحلية ، نعم رد الجميل للمجتمع المحلي و من ضمنه منظمات المجتمع المدني لأن القضاء سلطة وليس مسرح هزلي تعرض عليه تمثيلية للدُمى المتحركة ، سيناريوهاتها مكتوبة خارج إطار السلطة القضائية و بمنائ عن معنى العدل وهو أسم له قدسيته. 
ويبدو من الوهلة الاولى بأن القضاة لاعلم لهم ولهن بمبادئ بنجلور او بنغلور وغيرها من المبادىء و التقنيات لمنع الفساد بمافيه الفساد الذي يتحدثون عنه (علما بأن الفساد ليس نهب المال العام فحسب ، بل هو السلب والنهب والتعطيل و الارتزاق والخيانة و حتى الانتماء السياسي او غيره من الانتماءات بالنسبة للقضاء يُعد فساداً)  ولكم أن تعرفوا بأن العالم حين يتحدث عن نزاهة القضاء ليس من ترف بل لأنه حجر الأساس في الأنظمة القضائية القوية وشرط مسبق ضروري لسيادة القانون والحق في محاكمة عادلة وثقة الناس في القضاء أيضا ، يقابله في الحديث عن الفساد توفر المعايير الدولية الحالية وأفضل الممارسات وعددًا من التقنيات التي يمكن اعتمادها لتعزيز نزاهة القضاء ومنع الفساد في قطاع العدالة ، والممارسة التي تم الترويج لها من قبل الشبكة العالمية لنزاهة القضاء،بأن هناك حاجة إلى وضع قواعد سلوك فعالة للقضاة وأنه سيكون من المفيد وضع دليل حول كيفية القيام بذلك ، إلا أن القضاة كما يبدو غافلين عما يحدث في الفضاء الدولي و الإقليمي بشأن القضاء ؟! ، لانه بات من الواضح كم نحن بحاجة ماسة  لاعتماد مدونة لقواعد السلوك القضائي و تغيير العديد من النصوص الدستورية والقانونية لتحقيق مبدأ النزاهة والإستقلالية.
أني لا أُبرء رئيس الدولة المفقودة من كلامي هذا (كي لايبدأ التطبيل على رأسي) ،فهو المسؤول الأول عن كل مايحدث من إرتكاب للجرائم و تفاقمها وتنوعها ، ومثله رئيس المجلس الانتقالي بإعتباره المسؤول الاول عن القوى المسيطرة على الأرض (كما يزعمون). 
هاذان المسؤولان و القضاء تاليهما عن كلُ قطرة دم تنزف من جريمة قتل او إغتيال او راجع او أي جُرم اخر ،عن كل دمعة تسقط ألم ،عن كلُ آه وأنة وجع وخوف وقلق من الجرائم التي تُرتكب و البعض يتم تقيدها و البعض تهمل و البعض يأخذ بثأره ، حتى جريمة الاغتصاب الاخيرة الذي أرتكبها الأب وهو من في قمة نشوته كما قيل تجاه ابنته وابنه من صلبه جميع من ذكرتهم مسؤولين عنها. 
ماذا تبقى أكثر من ذلك الاثم و السوء تريدونه أن يرتكب ياحضرات القضاة ( قضاة وقضايات)؟؟! ظننا بكم وبكن الخير في وضع كهذا بأن تفتحوا انتم و انتن جلسات المحاكم و التحقيقات مع من عثوا فسادا في هذه المدينة ، إلا انه بعد الظن أثم كما يبدو. 
هذا الجُرم والاجرام والجرائم التي ترتكب تقف أمامها منظمات المجتمع المدني التي لم تعجز يوما عن اداء مهامها وقولوا عنها ماشئتم وماتشأون ، فليس هناك أبشع ولا أفظع ولا ....( تخنقني العبرة بماأريده قوله) من وأدكم للعدالة و أغلاق بابها في وجه المساكين و الضحايا و المجني عليهم .. لكن ماذا عسايّ ان أقول أكثر ممايقوله الناس عنكم ؟ ورب دعوة مظلوم يسمعها رب السماء والأرض فلا يردها وترد عليكم وعليكن.
وحسبنا الله ونعم الوكيل