السبت - 18 يونيو 2022 - الساعة 01:44 ص
ينص دستور الجمهورية اليمنية، و القوانين ذات الصلة على استقلال السلطة القضائية المطلق ، كما نصت على حظر الانتماء السياسي للقاضي ، فالأصل ان القضاة لا سلطان عليهم إلا سلطان القانون ، ولا انتماء لديهم إلا الإنتماء للحق والعدل ، وهذا لن يتأتى إلا بوجود قضاة أكفاء لا يتبعون طائفة و لا حزب ولا جماعة ولا مليشيا ، ولا تنظيم سياسي ، ولا يعملون تحت ( مظلة ) أي طرف سياسي .
واقع الحال أثبت أن كل هذا الكلام الجميل في كثير من الأحوال مجرد حبر على ورق، كلام للاستهلاك الإعلامي، يتشدق به ممثلي السلطة التنفيذية لتلميع أنفسهم، وللتغطية على الخروقات الفجة التي يتم من خلالها انتهاك الاستقلال القضائي ، و هذا في ظل صمت مخزي ، بل ومباركة من القيادات القضائية التي لا هم لها إلا المحافظة على الكرسي وزيادة أرصدتهم البنكية ، ومنح أقاربهم والمقربين منهم مناصب ، وامتيازات ، ودرجات قضائية . الأمر الذي أدى إلى السقوط المدوي لركن من أركان الدولة وتعطيل أعماله ، وحرمان المواطن من حق بسيط جداً وهو اللجوء للعدالة .
الآن .. وبعد تشكيل المجلس الرئاسي انتظرنا بداية الغيث ، وكان التعيين لمنصب النائب العام من نصيب القاضي قاهر مصطفى رئيس نيابة عدن (سابقا) ، وعضو مجلس القضاء الأعلى، ومستشار النادي الجنوبي ، النادي الذي أعلنها صراحة أنه يعمل تحت مظلة المجلس الانتقالي الجنوبي بحسب تصريحاتهم .
لا خلاف حول نزاهة المعين في منصب النائب العام ولكنه مجير سياسياً، ففي ذات الوقت وبعنجهية سياسية مفرطة _ و ما آراها إلا غباء سياسي _ يبارك المجلس الانتقالي الجنوبي على لسان ناطقه الرسمي تعيين النائب العام .
وطالما وأن المجلس الانتقالي حصل على نصيبه ، فسيكون الحق لبقية المكونات السياسية من إصلاح ، اشتراكي ، ناصري ، ...الخ المطالبة بنصيبهم
من الكعكة ، لاسيما وأن من هذه المكونات من شارك الانتقالي في ذرف دموع التماسيح على تعيين النائب العام السابق المخالف للقانون ، والذي بلا شك هو تعيين مخالف للقانون ، ولكنهم تناسوا و غضوا الطرف عن كل القرارات والتعيينات السابقة المخالفة للقانون والتي ضربت مبدأ الإستقلال القضائي في مقتل ، و قصدوا ذرف دموعهم ، و إصدار بياناتهم المنددة عقب إتفاق الرياض حتى تدخل السلطة القضائية ضمن المحاصصة السياسية .
من الذي أعطى الحق لأي مكون سياسي أن يرضى أو يسخط على التعيين في منصب قضائي ؟ !
من الذي منح الحق لأي مكون سياسي أن يطالب بنصيبه من السلطة القضائية؟ !
من الذي منح الحق لأي مكون سياسي أن يتدخل في أعمال السلطة القضائية ويغلق مقراتها بواسطة القوة المسلحة ؟ !
ألا تخجلوا ..
ما يمارس بحق السلطة القضائية، ويمس استقلالها صلف عجيب و الاعجب أن التلويح والتلميع للمجيرين سياسياً قائم بمزيد من المناصب و التعيينات !
أعلم أن المنتفعين ، وطبالين الزفة سيشنوا هجومهم المعهود ، وسيلحقوا بي كل إتهاماتهم السياسية السخيفة ، فأقول لهم مقدماً قولوا ما شئتم فلا يهم ، الأهم هو مصلحه العدالة ومصلحة الوطن الغائبة عنكم منذُ عام 2015 م .
اعلموا .. أن القضاء المجير قضاء تابع ، قضاء يخدم سيده ولا يخدم الحقوق ، ولا يحافظ على الحريات ، ولا يحقق عدالة ولا يعمر وطن .و سيكون ما يحدث جنوباً هو ذات الشيء الذي يحدث شمالاً من تعيينات بحسب الإنتماء و الأصل .
وليعلم المجلس الرئاسي أن رضوخهم هو استمرارية إنهيار وطن ، ودليل واضح انهم لم يأتوا للإصلاح والبناء ، وستتحطم كل آمال وأحلام المواطن بقضاء مستقل على صخرة الواقع الذي فرضه المجلس الرئاسي .
وليعلم المجلس الرئاسي أيضاً أنهم سيسنوا سنة ما سبقهم بها من أحد ، وهي ضرورة وجود حامل سياسي لكل قاضي كفء و مستقل ليكون له الحق في التعيين في مجلس القضاء الأعلى .
وأخيراً .. فليعلم المجلس الرئاسي أننا ما نريد منهم إلا صلاح حال هذه السلطة عبر تعيينات بعيدة كل البعد عن المحاصصة السياسية ، وإلا فليتركوا المجلس كما هو عليه فهي مخروبة مخروبة فلا فرق .. و حسبنا الله ونعم الوكيل .