مقالات


الخميس - 02 مايو 2024 - الساعة 01:32 ص

الكاتب: بقلم : القاضية/ نورا ضيف الله قعطبي - ارشيف الكاتب


إن حماية حريات وحقوق الانسان حال الاعتداء عليها؛ يقتضي وجود سلطة قضائية مستقلة/ قوية /فاعلة / ومحايدة {ومنشأة بحكم القانون}، وإن استقلال القضاء كما هو متعارف عليه له مظهرين أساسيين: --
الاستقلال المؤسساتي ويعني استقلال السلطة القضائية عن باقي السلط الموجودة في الدولة، والاستقلال الفردي والمتعلق بالقاضي؛ أي استقلاله عن كل المؤثرات التي تحول بينه وبين تحكيم ما يمليه عليه ضميره المسؤول بناء على فهمه للقانون والتطبيق العادل له•
وفقآ للمادة (149)من الدستور فإن :--
القضاء سلطة مستقلة قضائياً ومالياً وإدارياً والنيابة العامة هيئة من هيئاته، وتتولى المحاكم الفصل في جميع المنازعات والجرائم، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شئون العدالة ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون، ولا تسقط الدعـوى فيهـا بالتقـادم•
ووفقآ للمادة (1) : من القانون رقم 1لعام 1991بشأن السلطة القضائية فإن:-
القضاء سلطة مستقلة في أداء مهامه ، والقضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ، ولا يجوز لأية جهة وبأية صورة التدخل في القضايا أو في شأن من شؤون العدالة ، ويعتبر مثل هذا التدخل جريمة يعاقب عليها القانون ، ولا تسقط الدعوى فيها بالتقادم •
مااود ايضاحه بأن استقلال السلطة القضائية لا يمكن أن يتحقق من خلال الدساتير والقوانين وحدها، ذلك إن استقلال السلطة القضائية هو فضلا عن ذلك،《ممارسة/ وأعراف/ وتراكمات》، فلا يمكن الحديث عن الاستقلال الحقيقي للسلطة ما لم يؤمن القاضي قبل غيره باستقلاله وتجرده عن الأهواء والتأثيرات بمختلف أشكالها وألوانها، ولا يمكن الحديث عن استقلالية السلطة القضائية (مؤسسة القضاء) ما لم✔ يؤمن كل المتدخلين في حقل العدالة بحتمية هذه الاستقلالية، وتظافر جهودهم جميعا لتحقيق هدف أسمى وأوحد، هو ضمان اشتغال الآلية القضائية بتجرد وحياد واستقلالية•

الاستقلال القضائي لن يتحقق الا بإيمان منتسبي العدالة ( افراد ومؤسسة )بحتمية وأهمية الاستقلال القضائي•
الاستقلال القضائي = قوة ومكانة وهيبة منتسبي العدالة/ وقوة مؤسستهم القضائية الناظمة لمساراتهم المهنية..، قوتها قبل كائنآ من كان .

نحن وان كان الدستور والقانون ينص على استقلالنا القضائي.. الا ان مافي النصوص غير ما في النفوس ..واننا والى اللحظة نفتقر لاستقلالنا القضائي على مستوى المؤسسة وعلى مستوى افراد هذه المؤسسة
كحقيقة وواقع.. نحن غير مستقلين قضائيا.. من رضى بكلامي رضا ومن زعل فهذا شأنه .والشواهد هنا لا تحصى ولا تعد .
المشكل الحقيقي يكمن في اننا جميعا منتسبي العدالة خارج الاستقلال القضائي.. لم ننعم به يومآ ونفتقر له منذ أمد ومع ذلك فأننا نجاهد ونستميت ونكافح ونقاتل حتى ننعم باستقلالنا الحقيقي•
البعض يتغنى بالاستقلال القضائي ويريده وفقآ لمقاساته واهوائه ومصالحه.
والبعض يريد الاستقلال ويتغنى به ويريده تحت هذا الكيان وتحت هذا الفصيل وهذه الجهة او تلك.
والبعض يتغنى ويترنم باستقلال القضاء ليس الا وهو غير مؤمن لا بالاستقلال ولاباهميته ولا حتميته. ومصلحته ومنافعة تعلو عن هذا الحق.
والبعض ظل الاستقلال القضائي بالنسبة له حلم وامل ولم يستطع الوصول اليه الى اللحظة .
كنا ومازلنا وسنظل نطالب باستقلالنا القضائي وفنيت أعمارنا ونحن نطالب بهذا الاستقلال لإيماننا العميق بدور القضاء وبدور المؤسسة القضائية في كونها صمام امان الحريات والحقوق وهي الضامنة وفقآ للدستور والقوانين برد المظالم ودرء الانتهاكات وهي حاملة رسالة الانسانية والمدافع عن الكرامة وقيم العدل بحياد وموضوعية.
كنا ومازلنا وسنظل نطالب باستقلالنا القضائي لإيماننا العميق بدور القضاء ، كركن متين و دعامة أساسية ، في قيام دولة النظام والقانون الدولة التي يتغنى بها البعض صبحة وعشية وعلى الواقع (.........)
استقلال القضاء ليس مزية للقاضي تحصنه وتحول بينه وبين المساءلة والمحاسبة الدستورية، (ولكنها قاعدة قانونية) وضعت لفائدة مبادئ العدل والانصاف ولحماية القضاة من كل تأثير أو تهديد يمكن أن يحيد بقراراتهم وأحكامهم عن تطبيق تلك المبادئ والالتزام باحترام القانون وتطبيقه بعدالة ونزاهة وحياد.
الاستقلال القضائي يعني الاستقلال القضائي الفعلي /الحقيقي وليس النص عليه فقط.
الاستقلال القضائي يعني استقلال القضاة واستقلال قراراتهم وهيبة مكانتهم واوضاعهم امام العامة.
الاستقلال القضائي يعني استقلال المؤسسة القضائية وقوة قراراتها ونزاهتها وقوة مكانتها وقوة ثقة العامة بها.
الاستقلال القضائي يعني احترام احكام القضاء وتنفيذها وعدم تعطيلها تحت اي مسمى.
استقلال القضاء والقضاة مرتبط ارتباط لا يقبل التجزئة برسالة العدالة وهذا يعني ان القضاء لا يمكن له ان يكون الا اذا كان مستقلآ تحيط به ضمانات تهدف في مجملها الى توفير الحياة الامنة /الكريمة للقاضي /وكافة الامكانات المالية والفنية التي تسعفه على اداء رسالته المقدسة وصولا الى القواعد التي تحكم تعينه ونقله وترقيته وانتدابه وتأديبه وعزله وتحميه من مؤامرات ودسائس السلطة التنفيذية ومن اليها وضغوطاتها وتدخلاتها الفجة التي لا ينكرها أحد.
{نحن وفقآ لنصوص الدستور والقانون مستقلين .. لكن على الواقع نحن ابعد مانكون عن ذالك }وهذه حقيقة يدركها جيدآ من يعمل في قطاع العدالة .
الرسالة القضائية، تتطلب هذا الاستقلال و ذلك لتحقيق الاستقرار القانوني و الاقتصادي و الاجتماعي في البلاد ، فضلا عن حماية الحقوق و الحريات الفردية و العامّة من الانتهاكات أيا كان مصدرها أو أطرافها.
القاضي المستقل المحايد النزيهة الجسور القوي ..رأس حربة في حماية الحريات وراس حربة في اعادة الحقوق لمستحقيها وخادم امين للعدالة.
المؤسسة القضائية القوية الفاعلة صمام أمان لمنتسبي العدالة من تغول السلطات آين كانت ومن تغول النافذين وتغولهم ونفوذهم وتدخلها في الشأن القضائي كيفما شاءوا ومتى ما شاءوا .
الخلاصة:-
مقياس قوتنا/ وهيبتنا /ومكانتنا يعتمد في الاساس على تجسيد استقلالنا القضائي الحقيقي قولآ وفعلآ وليس فقط نصآ في الدستور والقانون •